حقيقة الواتساب!

((تم ادراج هذه المقالة ضمن ٧٠ مقالة مختارة من المدونة في كتاب “تــأمّــلات” للكاتب الدكتور حمد العزري))
اذكر عندما دخلت الانترنت إلى حياتنا، بعض برامج ومواقع الدردشة المشهورة يومها..

Comic Chat
ICQ
mIRC
MSN Messenger

وكانت خدمات الانترنت، بأسعارها العالية، تقلل من الوقت الذي يمكنك أن تكون متصلا فيه بالشبكة (Online)، وبالتالي الوقت الذي يمكنك فيه الدردشة مع الأصحاب..
وبهذا كنت تدردش لمدة محدودة قصيرة نسبيا..

وكنت تستطيع دخول شبكات الدردشة بأسماء مستعارة، بل وحتى الاختباء عن أنظر أغلب المستخدمين، لكي تتحكم في عدد الرسائل ودعوات الصحبة التي تأتيك..

وبدأت بعد ذلك ببضع سنين خدمة الرسائل القصيرة (SMS) على الهواتف النقّالة.. ورغم أنها لم تكن مكلفة، إلا أن كثرة استخدامها كان يزيد من ثقل فواتير الهاتف نهاية الشهر..
وبهذا كان أغلب الناس يستخدم الرسائل القصيرة للأمور المهمة، ويؤجل الدردشة إلى وقت آخر عندما يتصل بالانترنت..

وهكذا، كنّا نفرّق بين الاتصالات المهمة والاتصالات الغير مهمة (دردشة وقت الفراغ)..

ولكن الأمر تغيّر هذه الأيّام!!

 

فمنذ فترة ليست ببعيدة، دخل برنامج الواتساب (WhatsApp) وأمثاله إلى حياتنا..
وصادف ذلك أن اصبحت خدمة الانترنت المتنقلة عبر الهاتف في متناول أيدي معظم الناس..
وبدهاء مصمموا الواتساب، توفر البرنامج في كل أنظمة تشغيل الهواتف الذكية..

ومما اكسبهم انتشارا واسعا، أنهم ربطوا مستخدمي البرنامج بأرقام هواتفهم النقّالة..
فكانت الفائدة بنظر معظم الناس انهم لا يحتاجون إلى إدخال اسم مستخدم وكلمة سر لاستخدام الخدمة، كما وأنه أصبح بإمكان الآخرين أن يجدوك بسهولة (عوضا عن الحاجة إلى معرفة اسم المستخدم الخاص بك، كما كان لزاما عليهم في شبكات الدردشة سابقا)..

ولطبيعة السوق، أصبحت خدمة الواتساب كالثقب الأسود الذي يبتلع كل من حوله! فصرنا لا نكاد نسمع بأحد إلا وهو مشترك بالخدمة! بل وتراه مشتركا بكل رقم هاتف يملكه!

والنتيجة؟

اختلاط الحابل بالنابل!

فقدرتنا فيما سبق على الفصل بين الاتصالات المهمة والاتصالات غير المهمة (الدردشة) قد ضعفت، إن لم نقل تلاشت!
وصرنا نستقبل عشرات ومئات الرسائل يوميا، وأكثرها للأسف نكات ومعلومات عامة وشبيهاتها! وصار يُزجّ بنا إلى مجموعات الواتسب التي قد لا نعلم أغلب منتسبيها! وبعض هذه المجموعات “نشطة” إلى حدّ الجنون!!

والمشكلة
أن هذه الرسائل “مجانية” بالنسبة للمرسِل!

والمشكلة الأخرى
أن الواتساب متصل بشكل دائم، وهو في جيبك!

خلاصة القول، أن الدردشة اقتحمت حياتنا (عن طريق الواتساب وغيره) بشكل لم يسبق له مثيل.. حتى انها كوّنت عالما اجتماعيا موازيا أصبح منافسا للأوقات الاجتماعية الحقيقية التي نتقابل فيها وجها لوجه ونتبادل الابتسامات والأخبار..

فكل الأخبار – سيُقال لك – قد تم إرسالها في الواتساب!

فكرتان اثنتان على ”حقيقة الواتساب!

  1. صدقت … وربما أضيف بأن برنامج الواتس آب صار دخيلا حتى على المرأة في بيتها والرجل في عمله. فترى الأم تنشغل بالمجموعات عن الطفل والزوج …

  2. للأسف أخي سعيد استحوذ البرنامج على اهتمامات الناس بشكل أثّر على أولويات حياتهم..شكرا لمرورك..

أثري المقالة بتعليقك