لك الحمد والفضل

((تم ادراج هذه المقالة ضمن ٧٠ مقالة مختارة من المدونة في كتاب “تــأمّــلات” للكاتب الدكتور حمد العزري))
يولد الانسان باكيا غير مدرك لما حوله..
ولا يعلم بالمعجزة التي اتت به إلى هذا العالم..
ولا يعلم من اين اتى والديه، وكيف حفظهما الله، ويسّر وقدّر أن يلداه..
ولا يعلم بالارض الطيبة التي هو عليها..
عن حجمها، وخيراتها، وتاريخها..
وكيف هيّأها الله احسن تهيأة، حتى تكون له دارا آمنة..

ثم لا يلبث الانسان أن يَرضَع، ويتحرك..
بما الهمه الله إياه..
ولا يعلم بالاجهزة العظيمة التي تعمل ليل نهار في جسده..

فمن قلب يسير على احسن نظام، إلى رئتين تنظم هواءه، إلى اجهزة متقنة يحس من خلالها بما حوله..

ثم يشهد الانسان نمو جسده وعقله وروحه..
نموا مطّردا.. دقيقا.. على أحسن تقدير..

يلعب الانسان – وهو طفل – ويلهو ويمرح..
ولا يعلم.. بكم المخاطر التي ينقذه الله منها..

فكم من مرض يشفيه منه، وكم من سقطة يعافيه منها..
وكم من حوادث ينجيّه منها، وكم من أشرار يحفظه منهم..

ثم يبلغ الانسان سنّ البلوغ..
وقد وصل جسمه مرحلة النضج.. وعقله مرحلة الرشد..

وهو – إن اكرمه الله – قد تعلّم ويتعلّم عن خالقه ومعبوده..
وأقر بوحدانيته وربوبيته وألوهيته..
وعلم عن خَلقِه.. وعن صفاته..
عن اوامره.. وعن نواهيه.. عن حسابه.. وعن جنته وناره..

ثم لا يبلث الانسان – إلا من رحم ربي – أن يغفل عن ذلك كله..
وينتهك محارم الله.. ولا يأتي بما امره الله..
ويتناسى يوم الحساب..
يوم لا ينفع مال ولا بنون.. إلا من أتى الله بقلب سليم..

ولكن الله – بفضله ومنّه – لا يترك الانسان يهوي إلى النار..
فينزّل عليه التذكرة تلو الاخرى..
والموعظة بعد الموعظة..
ويبتليه بالسرّاء والضرّاء..

فإن شكر الانسان وعاد، يغفر الله له..
وإن أصرّ، أمهله الله.. ولم يعجّله بعذابه..
وهكذا دواليك..
يذنب الانسان، فيتوب.. فيغفر الله له..
ينسى الانسان، فيتذكر.. فيقبل الله عليه..
يرقّ الانسان، فيعطي.. فيشكر الله له..
يتألم الانسان، فيبكي.. فيغفر الله من ذنوبه ويواسيه ويهديه..

ويستمر الحال كذلك حتى يأتي الأجل..
ويأتي يوم الحساب..
فيقرّ الانسان.. ان قليل أعماله لا ترقى حتى لشكر نعمة البصر!
ويعترف بذنوبه، وتقصيره، وتعديه على حرمات الله..
ويخشى الانسان عذاب ربه.. فقد علم أن عذاب ربه غير مأمون..

وهنالك.. تتلقفه رحمة الله، مرة اخرى..
فيتقبل منه أعماله البسيطة.. ويصفح عن خطاياه..
ويدخله جنة عرضها السماوات والأرض..
فيها ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر..

فيالك من إله كريم… تغفر الذنوب ولا تبالي..
تراقب وترعى وترشد.. وانت ملك الملوك..
وتمنّ برحمتك الواسعة.. على هذا الانسان.
على هذا المذنب المقصّر الذليل..

فلك الحمد كله.. ولك الشكر كله..
اللهم ارحمنا فانك بنا راحم.. ولا تعذبنا فانت علينا قادر..
اللهم اهدنا صراطك المستقيم..
اللهم وفقنا لعمل ما يرضيك.. والبعد عمّا يسخطك..
وارزقنا جنّة الفردوس.. صحبة خير الأنام..
محمد صلى الله عليه وسلم..

4 أفكار على ”لك الحمد والفضل

  1. هذه هي الحياة .. نبدأ صغارا وننتهي صغارا .. تبدأ الدنيا بدمعة وتنتهي بدمعة ..الحمدلله على كل شيء واحسن الله خاتمتنا ورزقنا الفردوس الاعلى من الجنة ..بارك الله فيك على هذا الطرح وجعله في ميزان حسناتك اخي الكريم ..

  2. اللهم آمينوصل اللهم وسلم على خير الأنام محمد الأمين صلى الله عليه وسلمـــــــــــبارك الله فيك أخى الكريم وأعزك

  3. اختي الكريمة وجع البنفسج،نعم، نبدأ بدمعة وننتهي بدمعة.. ولعلنا نذرف تلك الدمعة فرحا بدخول الجنة بإذن الله..شكرا لمرورك وإضافتك القيمة..

  4. أهلا بك أخي العزيز محمد،اسأل الله أن يرزقك وإيانا من يد الحبيب صلى الله عليه وسلم شربة هنية لا نضمأ بعدها أبدا..

أثري المقالة بتعليقك